ولقد كان أبو جعفر إماما، مجتهدا، تاليا لكتاب الله، كبير الشأن، ولكن لا يبلغ في القرآن درجة ابن كثير ونحوه، ولا في الفقه درجة أبي الزناد، وربيعة ; ولا في الحفظ ومعرفة السنن درجة قتادة وابن شهاب. فلا نحابيه، ولا نحيف عليه، ونحبه في الله لما تجمع فيه من صفات الكمال.
قال ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة: سألت أبا جعفر وابنه جعفرا عن أبي بكر وعمر، فقالا لي: يا سالم، تولهما وابرأ من عدوهما ; فإنهما كانا إمامي هدى.
كان سالم فيه تشيع ظاهر، ومع هذا فيبث هذا القول الحق ; وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل، وكذلك ناقلها ابن فضيل، شيعي ثقة. فعثر الله شيعة زماننا ما أغرقهم في الجهل والكذب، فينالون من الشيخين وزيري المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ويحملون هذا القول من الباقر والصادق على التقية.
وروى إسحاق الأزرق، عن بسام الصيرفي، قال: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر، فقال: والله إني لأتولاهما وأستغفر لهما، وما أدركت أحدا من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما.
وعن عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: كنت أنا وأبو جعفر نختلف إلى جابر نكتب عنه في ألواح، وبلغنا أن أبا جعفر كان يصلي في اليوم والليلة مائة وخمسين ركعة.
وقد عده النسائي وغيره في فقهاء التابعين بالمدينة، واتفق الحفاظ على الاحتجاج بأبي جعفر.
قال القطيعي في فوائده: حدثنا أبو مسلم الكجي، حدثنا أبو عاصم، عن جعفر بن محمد، حدثني أبي قال: قال عمر: ما أدري ما أصنع بالمجوس! فقام عبد الرحمن بن عوف فروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" سنوا بهم سنة أهل الكتاب " هذا مرسل.