للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وسمعه قاسم المطرز يقول: حدثنا عبيد الله العيشي، فقال: في حر أم من يكذب. وتكلم فيه قوم، ونسبوه إلى الكذب عند عبد الحميد الوراق، فقال: هو أنعش من أن يكذب -يعني ما يحسن-، قال: وكان بذيء اللسان، يتكلم في الثقات، سمعته يقول يوم مات محمد بن يحيى المروزي: أنا قد ذهب بي عمي إلى أبي عبيد، وعاصم بن علي، وسمعت منهما. قال: ولما مات أصحابه احتمله الناس، واجتمعوا عليه، ونفق عندهم، ومع نفاقه وإسناده كان مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه.

قلت: قد أسرف ابن عدي وبالغ، ولم يقدر أن يخرج له حديثا غلط فيه سوى حديثين، وهذا مما يقضي له بالحفظ والإتقان ; لأنه روى أزيد من مائة ألف حديث لم يهم في شيء منها، ثم عطف وأنصف، وقال: وأبو القاسم كان معه طرف من معرفة الحديث، ومن معرفة التصانيف، وطال عمره، واحتاجوا إليه، وقبله الناس، ولولا أني شرطت أن كل من تكلم فيه متكلم ذكرته -يعني في الكامل- وإلا كنت لا أذكره.

قال أبو يعلى الخليلي: أبو القاسم البغوي من العلماء المعمرين، سمع داود بن رشيد، والحكم بن موسى، وطالوت بن عباد، وابني أبي شيبة. إلى أن قال: وعنده مائة شيخ لم يشاركه أحد فيهم، في آخر عمره لم ينزل إلى الشيوخ.

قال: وهو حافظ عارف، صنف مسند عمه علي بن عبد العزيز، وقد حسدوه في آخر عمره، فتكلموا فيه بشيء لا يقدح فيه، وقد سمعت عبد الرحمن بن محمد يقول: سمعت أبا أحمد الحاكم، سمعت البغوي يقول: ورقت لألف شيخ.

قال أحمد بن علي السليماني الحافظ: البغوي يتهم بسرقة الحديث.

قلت: هذا القول مردود، وما يتهم أبا القاسم أحد يدري ما يقول ; بل هو ثقة مطلقا.

قال إسماعيل بن علي الخطبي: مات أبو القاسم البغوي الوراق ليلة الفطر من سنة سبع عشرة وثلاثمائة، ودفن يوم الفطر، وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرا واحدا.