ومن كلام الجاحظ إلى محمد بن عبد الملك: المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب البغضة، والمضادة عداوة، والأمانة طمأنينة، وخلاف الهوى يوجب الاستثقال، ومتابعته توجب الألفة. العدل يوجب اجتماع القلوب، والجور يوجب الفرقة. حسن الخلق أنس، والانقباض وحشة. التكبر مقت، والتواضع مقة، الجود يوجب الحمد، والبخل يوجب الذم، التواني يوجب الحسرة، والحزم يوجب السرور، والتغرير ندامة، ولكل واحدة من هذه إفراط وتقصير، وإنما تصح نتائجها إذا أقيمت حدودها ; فإن الإفراط في الجود تبذير، والإفراط في التواضع مذلة، والإفراط في الغدر يدعو إلى أن لا تثق بأحد، والإفراط في المؤانسة يجلب خلطاء السوء.
وله: وما كان حقي - وأنا واضع هذين الكتابين في خلق القرآن، وهو المعنى الذي يكثره أميرالمؤمنين ويعزه، وفي فضل ما بين بني هاشم، وعبد شمس ومخزوم - إلا أن أقعد فوق السماكين، بل فوق العيوق، أو أتجر في الكبريت الأحمر، وأقود العنقاء بزمام إلى الملك الأكبر.
وله كتاب " الحيوان " سبع مجلدات، وأضاف إليه كتاب " النساء " وهو فرق ما بين الذكر والأنثى، وكتاب " البغال " وقد أضيف إليه كتاب سموه كتاب " الجمال ". ليس من كلام الجاحظ، ولا يقاربه.
قال رجل للجاحظ: ألك بالبصرة ضيعة؟ قال: فتبسم، وقال: إنما إناء وجارية ومن يخدمها، وحمار، وخادم. أهديت كتاب " الحيوان " إلى ابن الزيات، فأعطاني ألفي دينار، وأهديت إلى فلان فذكر نحوا من ذلك، يعني: أنه في خير وثروة.
قال يموت بن المزرع: سمعت خالي، يقول: أمليت على إنسان مرة: أخبرنا عمرو، فاستملى: أخبرنا بشر، وكتب: أخبرنا زيد.