قال: وسألني في اليوم الثاني لما دخلت عليه، ويقرأ عليه في فوائد العراقيين: سفيان الثوري، عن أبي سلمة، عن الزهري، عن سهل حديث الاستئذان، فقال لي: من أبو سلمة هذا؟ فقلت من وقتي: المغيرة بن مسلم السراج. قال: وكيف يروي المغيرة عن الزهري؟ فبقيت ثم قال لي: قد أمهلتك أسبوعا حتى تتفكر فيه. قال: فتفكرت ليلتي حتى بقيت أكرر التفكر، فلما وقعت إلى أصحاب، الجزيرة من أصحاب الزهري، تذكرت محمد بن أبي حفصة، فإذا كنيته أبو سلمة، فلما أصبحت، حضرت مجلسه، ولم أذكر شيئا حتى قرأت عليه نحو مائة حديث، قال: هل تفكرت فيما جرى؟ فقلت: نعم هو محمد بن أبي حفصة، فتعجب، وقال لي: نظرت في حديث سفيان لأبي عمرو البحيري؟ فقلت: لا، وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحير، وأثنى علي، ثم كنت أسأله، فقال: أنا إذا ذاكرت اليوم في باب لا بد من المطالعة لكبر سني. فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرا، وقال لي: أعلم بأن خراسان وما وراء النهر، لكل بلدة تاريخ صنفه عالم منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت " تاريخ النيسابوريين " فتأملته، ولم يسبقه إلى ذلك أحد وصنف لأبي علي بن سيمجور كتابا في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأزواجه وأحاديثه، وسماه " الإكليل "، لم أر أحدا رتب ذلك الترتيب، وكنت أسأله عن الضعفاء الذين نشئوا بعد الثلاثمائة بنيسابور وغيرها من شيوخ خراسان، وكان يبين من غير محاباة.