قال الحاكم: سمعت محمد بن العباس الضبي، سمعت أبا الفضل يعقوب بن إسحاق القراب يقول: ما رأينا مثل عثمان بن سعيد، ولا رأى عثمان مثل نفسه، أخذ الأدب عن ابن الأعرابي، والفقه عن أبي يعقوب البويطي، والحديث عن ابن معين وابن المديني، وتقدم في هذه العلوم -رحمه الله.
وقال أبو حامد الأعمشي: ما رأيت في المحدثين مثل محمد بن يحيى وعثمان بن سعيد، ويعقوب الفسوي.
وقال أبو عبد الله بن أبي ذهل: قلت لأبي الفضل القراب: هل رأيت أفضل من عثمان بن سعيد الدارمي؟ فأطرق ساعة، ثم قال: نعم، إبراهيم الحربي، وقد كنا في مجلس الدارمي غير مرة، ومر به الأمير عمرو بن الليث، فسلم عليه، فقال: وعليكم، حدثنا مسدد. . . . ولم يزد على رد السلام.
قال ابن عبدوس الطرائفي: لما أردت الخروج إلى عثمان بن سعيد -يعني إلى هراة - أتيت ابن خزيمة، فسألته أن يكتب لي إليه، فكتب إليه، فدخلت هراة في ربيع الأول، سنة ثمانين ومائتين، فأوصلته الكتاب، فقرأه، ورحب بي، وسأل عن ابن خزيمة، ثم قال: يا فتى! متى قدمت؟ قلت: غدا. قال: يا بني! فارجع اليوم، فإنك لم تقدم بعد، حتى تقدم غدا.
قال أحمد بن محمد بن الأزهر: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: أتاني محمد بن الحسين السجزي، وكان قد كتب عن يزيد بن هارون، وجعفر بن عون، فقال: يا أبا سعيد! إنهم يجيئوني، فيسألوني أن أحدثهم، وأنا أخشى أن لا يسعني ردهم. قلت: ولم؟ قال: لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من سئل عن علم، فكتمه، ألجم بلجام من نار فقال: إنما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن علم تعلمه وأنت لا تعلمه.
قال يعقوب القراب: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قد نويت أن لا أحدث عن أحد أجاب إلى خلق القرآن. قال: فتوفي قبل ذلك.
قلت: من أجاب تقية، فلا بأس عليه، وترك حديثه لا ينبغي.