قال أبو النضر الفامي: لما قدم التاهرتي الداعي من مصر على السلطان يدعوه سرا إلى مذهب الباطنية، وكان التاهرتي يركب بغلا يتلون كل ساعة من كل لون، ففهم السلطان سر دعوتهم، فغضب، وقتل التاهرتي الخبيث، وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي شيخ هراة، وقال: كان يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس الموحدين.
وذكر إمام الحرمين أن محمود بن سبكتكين كان حنفيا يحب الحديث، فوجد كثيرا منه يخالف مذهبه، فجمع الفقهاء بمرو، وأمر بالبحث في أيما أقوى مذهب أبي حنيفة أو الشافعي. قال: فوقع الاتفاق على أن يصلوا ركعتين بين يديه على المذهبين. فصلى أبو بكر القفال بوضوء مسبغ وسترة وطهارة وقبلة وتمام أركان لا يجوز الشافعي دونها، ثم صلى صلاة على ما يجوزه أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغا قد لطخ ربعه بنجاسة، وتوضأ بنبيذ، فاجتمع عليه الذبان، وكان وضوءا منكسا، ثم كبر بالفارسية، وقرأ بالفارسية: دوبركك سبز. ونقر ولم يطمئن ولا رفع من الركوع، وتشهد، وضرط بلا سلام. فقال له: إن لم تكن هذه الصلاة يجيزها الإمام، قتلتك. فأنكرت الحنفية الصلاة، فأمر القفال بإحضار كتبهم، فوجد كذلك، فتحول محمود شافعيا. هكذا ذكره الإمام أبو المعالي بأطول من هذا.
قال عبد الغافر الفارسي في ترجمة محمود: كان صادق النية في إعلاء الدين، مظفرا كثير الغزو، وكان ذكيا بعيد الغور، صائب الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء. وقبره بغزنة يزار.