للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عبد الغافر في " تاريخه " حكى الثقات أن أبا عثمان كان يعظ، فدفع إليه كتاب ورد من بخارى، مشتمل على ذكر وباء عظيم بها، ليدعو لهم، ووصف في الكتاب أن رجلا أعطى خبازا درهما، فكان يزن والصانع يخبز، والمشتري واقف، فمات ثلاثتهم في ساعة. فلما قرأ الكتاب هاله ذلك، واستقرأ من القارئ أفأمن الذين مكروا السيئات الآيات، ونظائرها، وبالغ في التخويف والتحذير، وأثر ذلك فيه وتغير، وغلبه وجع البطن، وأنزل من المنبر يصيح من الوجع، فحمل إلى حمام، فبقي إلى قريب المغرب يتقلب ظهرا لبطن، وبقي أسبوعا لا ينفعه علاج، فأوصى وودع أولاده، ومات، وصلي عليه عقيب عصر الجمعة رابع المحرم، وصلى عليه ابنه أبو بكر، ثم أخوه أبو يعلى.

وأطنب عبد الغافر في وصفه، وأسهب، إلى أن قال: وقرأت في كتاب كتبه زين الإسلام من طوس في التعزية لشيخ الإسلام: أليس لم يجسر مفتر أن يكذب على رسول الله في وقته؟ أليست السنة كانت بمكانه منصورة، والبدعة لفرط حشمته مقهورة؟ أليس كان داعيا إلى الله، هاديا عباد الله، شابا لا صبوة له، كهلا لا كبوة له، شيخا لا هفوة له؟ يا أصحاب المحابر، وطئوا رحالكم، قد غيب من كان عليه إلمامكم، ويا أرباب المنابر، أعظم الله أجوركم، فقد مضى سيدكم وإمامكم.

قال الكتاني: ما رأيت شيخا في معنى أبي عثمان زهدا وعلما، كان يحفظ من كل فن لا يقعد به شيء، وكان يحفظ التفسير من كتب كثيرة، وكان من حفاظ الحديث.

قلت: ولقد كان من أئمة الأثر، له مصنف في السنة واعتقاد السلف، ما رآه منصف إلا واعترف له.

قال معمر بن الفاخر: سمعت عبد الرشيد بن ناصر الواعظ بمكة،

سمعت إسماعيل بن عبد الغافر، سمعت الإمام أبا المعالي الجويني، يقول: كنت بمكة أتردد في المذاهب، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: عليك باعتقاد ابن الصابوني.