فقال: هذه ألف دينار خذها، فأنفقها على عيالك، وتقو بها على عبادة ربك، فقال: سبحان الله! أنا أدلك على طريق النجاة، وأنت تكافئني بمثل هذا. سلمك الله، ووفقك. ثم صمت، فلم يكلمنا، فخرجنا، فقال هارون: أبا عباس، إذا دللتني، فدلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين. فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت: قد ترى ما نحن فيه من الضيق، فلو قبلت هذا المال. قال: إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه، فلما كبر نحروه، فأكلوا لحمه، فلما سمع هارون هذا الكلام قال: ندخل فعسى أن يقبل المال، فلما علم الفضيل، خرج فجلس في السطح على باب الغرفة، فجاء هارون، فجلس إلى جنبه، فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء، فقالت: يا هذا، قد آذيت الشيخ منذ الليلة، فانصرف فانصرفنا. حكاية عجيبة، والغلابي غير ثقة، وقد رواها غيره.
أخبرتنا عائشة بنت عيسى، أخبرنا ابن راجح، أخبرنا السلفي، أخبرنا العلاف، أخبرنا أبو الحسن الحمامي، أخبرنا جعفر بن محمد بن الحجاح بالموصل، حدثنا محمد بن سعدان الحراني، حدثنا أبو عمر النحوي، هو الجرمي، عن الفضل بن الربيع، بها.
قال محمد بن علي بن شقيق: حدثنا أبو إسحاق قال: قال الفضيل: لو خيرت بين أن أعيش كلبا وأموت كلبا، ولا أرى يوم القيامة، لاخترت ذلك.
وقال فيض بن إسحاق: سمعت الفضيل يقول: والله لأن أكون ترابا أحب إلي من أن أكون في مسلاخ أفضل أهل الأرض، وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته، إذا لطاش عقلي.
وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري: سمعت الفضيل يقول: لو قلت: إنك تخاف الموت ما قبلت منك، لو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب، ولا شيء، ما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذا لطاش عقلي، ولم أنتفع بشيء.