قال أبو مسهر الغساني شيخ أهل دمشق: قدم علينا الليث، فكان يجالس سعيد بن عبد العزيز، فأتاه أصحابنا، فعرضوا عليه، فلم أر أنا أخذ ذلك عرضا حتى قدمت على مالك.
عبد الله بن أحمد بن شبويه: سمعت سعيد بن أبي مريم، سمعت ليث بن سعد يقول: بلغت الثمانين، وما نازعت صاحب هوى قط.
قلت: كانت الأهواء والبدع خاملة في زمن الليث، ومالك، والأوزاعي، والسنن ظاهرة عزيزة. فأما في زمن أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي عبيد، فظهرت البدعة، وامتحن أئمة الأثر، ورفع أهل الأهواء رءوسهم بدخول الدولة معهم، فاحتاج العلماء إلى مجادلتهم بالكتاب والسنة، ثم كثر ذلك، واحتج عليهم العلماء أيضا بالمعقول، فطال الجدال، واشتد النزاع، وتولدت الشبه. نسأل الله العافية.
قال ابن بكير: سمعت الليث يقول: سمعت بمكة سنة ثلاث عشرة ومائة من الزهري وأنا ابن عشرين سنة. وقال عيسى بن زغبة، عن الليث قال: أصلنا من أصبهان، فاستوصوا بهم خيرا.
قال يحيى بن بكير: أخبرني من سمع الليث يقول: كتبت من علم ابن شهاب علما كثيرا، وطلبت ركوب البريد إليه، إلى الرصافة، فخفت أن لا يكون ذلك لله، فتركته، ودخلت على نافع، فسألني، فقلت: أنا مصري. فقال: ممن؟ قلت: من قيس؟ قال: ابن كم؟ قلت: ابن عشرين سنة. قال: أما لحيتك، فلحية ابن أربعين.
قال أبو صالح: خرجت مع الليث إلى العراق سنة إحدى وستين ومائة. خرجنا في شعبان، وشهدنا الأضحى ببغداد، قال: وقال لي الليث ونحن ببغداد: سل عن منزل هشيم الواسطي، فقل له: أخوك ليث المصري يقرئك السلام، ويسألك أن تبعث إليه شيئا من كتبك، فلقيت هشيما، فدفع إلي شيئا، فكتبنا منه، وسمعتها مع الليث.