وكتب المأمون إلى نائبه على العراق إسحاق بن إبراهيم الخزاعي كتابا يمتحن العلماء، يقول فيه: " وقد عرفنا أن الجمهور الأعظم والسواد من حشو الرعية وسفلة العامة، ممن لا نظر لهم ولا روية، أهل جهالة وعمى عن أن يعرفوا الله كنه معرفته، ويقدروه حق قدره، ويفرقوا بينه وبين خلقه، فساووا بين الله وبين خلقه، وأطبقوا على أن القرآن قديم، لم يخترعه الله، وقد قال: إنا جعلناه قرآنا فكل ما جعله فقد خلقه، كما قال: وجعل الظلمات والنور وقال: نقص عليك من أنباء ما قد سبق فأخبر أنه قصص لأمور أحدثه بعدها.
وقال: أحكمت آياته ثم فصلت والله محكم له، فهو خالقه ومبدعه. . . إلى أن قال: فمال قوم من أهل السمت الكاذب والتخشع لغير الله إلى موافقتهم، فرأى أمير المؤمنين أنهم شر الأمة ولعمرو أمير المؤمنين، إن أكذب الناس من كذب على الله ووحيه، ولم يعرف الله حق معرفته. فاجمع القضاة، وامتحنهم، فيما يقولون، وأعلمهم أني غير مستعين في عمل، ولا واثق بمن لا يوثق بدينه، فإن وافقوا فمرهم بنص من بحضرتهم من الشهود، ومسألتهم عن علمهم في القرآن، ورد شهادة من لم يقر أنه مخلوق.