للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، هربت إلى الطائف. فلما خرج وفد الطائف ليسلموا، ضاقت علي الأرض بما رحبت، وقلت: ألحق بالشام، أو اليمن، أو بعض البلاد. فوالله إني لفي ذلك من همي، إذ قال رجل: والله إن يقتل محمد أحدا دخل في دينه. فخرجت حتى قدمت المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: " وحشي "؟ قلت: نعم. قال: " اجلس، فحدثني كيف قتلت حمزة ". فحدثته كما أحدثكما، فقال: " ويحك! غيب عني وجهك، فلا أرينك ". فكنت أتنكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كان، حتى قبض.

فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة خرجت معهم بحربتي التي قتلت بها حمزة، فلما التقى الناس، نظرت إلى مسيلمة وفي يده السيف، فوالله ما أعرفه، وإذا رجل من الأنصار يريده من ناحية أخرى، فكلانا يتهيأ له، حتى إذا أمكنني، دفعت عليه حربتي، فوقعت فيه، وشد الأنصاري عليه، فضربه بالسيف، فربك أعلم أينا قتله، فإن أنا قتلته، فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقتلت شر الناس.

وبه عن سليمان بن يسار: عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رجلا يقول: قتله العبد الأسود يعني مسيلمة. أسامة بن زيد، عن الزهري، عن أنس، قال: لما كان يوم أحد وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، على حمزة وقد جدع ومثل به، فقال: " لولا أن تجد صفية في نفسها، لتركته حتى يحشره الله من بطون السباع والطير ". وكفن في نمرة إذا خمر رأسه، بدت رجلاه، وإذا خمرت رجلاه بدا رأسه، ولم يصل على أحد من الشهداء، وقال: أنا شهيد عليكم، وكان يجمع الثلاثة في قبر، والاثنين فيسأل: " أيهما أكثر قرآنا; فيقدمه في اللحد، وكفن الرجلين والثلاثة في ثوب ".