ومن أهدرهم، ولم يعتد بهم، لم يعدهم في مسائلهم المفردة خارجين بها من الدين، ولا كفرهم بها، بل يقول: هؤلاء في حيز العوام، أو هم كالشيعة في الفروع، ولا نلتفت إلى أقوالهم، ولا ننصب معهم الخلاف، ولا نعتني بتحصيل كتبهم، ولا ندل مستفتيا من العامة عليهم. وإذا تظاهروا بمسألة معلومة البطلان، كمسح الرجلين، أدبناهم، وعزرناهم، وألزمناهم بالغسل جزما.
قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: قال الجمهور: إنهم -يعني نفاة القياس- لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء.
ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي، عن أبي علي بن أبي هريرة، وطائفة من الشافعية، أنه لا اعتبار بخلاف داود، وسائر نفاة القياس، في الفروع دون الأصول.
وقال إمام الحرمين أبو المعالي: الذي ذهب إليه أهل التحقيق: أن منكري القياس لا يعدون من علماء الأمة، ولا من حملة الشريعة، لأنهم معاندون، مباهتون فيما ثبت استفاضة وتواترا، لأن معظم الشريعة صادر عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام.