أبو إسحاق: عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، قال: انطلق سعد بن معاذ معتمرا، فنزل على أمية بن خلف - وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يمر بالمدينة فينزل عليه - فقال أمية له: انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس طفت. فبينا سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل، فقال: من الذي يطوف آمنا؟ قال: أنا سعد. فقال: أتطوف آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه؟ قال: نعم. فتلاحيا. فقال أمية: لا ترفع صوتك على أبي الحكم ; فإنه سيد أهل الوادي. فقال سعد: والله لو منعتني، لقطعت عليك متجرك بالشام. قال: فجعل أمية يقول: لا ترفع صوتك. فغضب وقال: دعنا منك، فإني سمعت محمدا - صلى الله عليه وسلم - يقول: يزعم أنه قاتلك. قال: إياي؟ قال: نعم. قال: والله ما يكذب محمد. فكاد يحدث فرجع إلى امرأته، فقال: أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي؟ زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي. قالت: والله ما يكذب محمد. فلما خرجوا لبدر قالت امرأته: ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي؟ فأراد أن لا يخرج. فقال له أبو جهل: إنك من أشراف أهل الوادي، فسر معنا يوما أو يومين. فسار معهم، فقتله الله.
قال ابن شهاب: وشهد بدرا سعد بن معاذ. ورمي يوم الخندق. فعاش شهرا، ثم انتقض جرحه فمات.
ابن إسحاق: حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل أن عائشة كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها، فعبر سعد عليه درع مقلصة قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها ويقول: