ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثني إبراهيم بن الحصين، عن داود بن الحصين، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه، قال: لما انتهوا إلى قبر سعد، نزل فيه أربعة: الحارث بن أوس، وأسيد بن الحضير، وأبو نائلة سلكان، وسلمة بن سلامة بن وقش، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف. فلما وضع في قبره، تغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسبح ثلاثا، فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع، ثم كبر ثلاثا، وكبر المسلمون، فسئل عن ذلك، فقال:" تضايق على صاحبكم القبر، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو، ثم فرج الله عنه ".
قلت: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء ; بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه، وألم خروج نفسه، وألم سؤاله في قبره وامتحانه، وألم تأثره ببكاء أهله عليه، وألم قيامه من قبره، وألم الموقف وهوله، وألم الورود على النار، ونحو ذلك.
فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر، ولا من عذاب جهنم قط، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.
قال الله تعالى: وأنذرهم يوم الحسرة وقال: وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر فنسأل الله - تعالى - العفو واللطف الخفي. ومع هذه الهزات، فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة، وأنه من أرفع الشهداء - رضي الله عنه -. كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين، ولا روع ولا ألم ولا خوف، سل ربك العافية، وأن يحشرنا في زمرة سعد.
شعبة: حدثنا سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن للقبر ضغطة، ولو كان أحد ناجيا منها، نجا منها سعد بن معاذ إسناده قوي.