قال أبو حاتم: سليمان بن حرب إمام من الأئمة، كان لا يدلس، ويتكلم في الرجال، وفي الفقه وليس بدون عفان، ولعله أكبر منه، وقد ظهر له نحو من عشرة آلاف حديث، وما رأيت في يده كتابا قط، وهو أحب إلي من أبي سلمة التبوذكي في حماد بن سلمة وفي كل شيء، ولقد حضرت مجلس سليمان بن حرب ببغداد، فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل، وكان مجلسه عند قصر المأمون، فبنى له شبه منبر، فصعد سليمان، وحضر حوله جماعة من القواد عليهم السواد، والمأمون فوق قصره، وقد فتح باب القصر، وقد أرسل ستر شف وهو خلفه، وكتب ما يملي. فسئل سليمان أول شيء حديث حوشب بن عقيل، فلعله قد قال: حدثنا حوشب بن عقيل أكثر من عشر مرات، وهم يقولون: لا نسمع، فقام مستمل ومستمليان وثلاثة، كل ذلك يقولون: لا نسمع، حتى قالوا: ليس الرأي إلا أن يحضر هارون المستملي، فلما حضر قال: من ذكرت؟ فإذا صوته خلاف الرعد، فسكتوا، وقعد المستملون كلهم، فاستملى هارون، وكان لا يسأل عن حديث إلا حدث من حفظه. وسئل عن حديث فتح مكة، فحدثنا به من حفظه، فقمنا فأتينا عفان، فقال: ما حدثكم أبو أيوب؟ فإذا هو يعظمه.
قال أبو حاتم الرازي أيضا: كان سليمان بن حرب قل من يرضى من المشايخ، فإذا رأيته قد روى عن شيخ، فاعلم أنه ثقة.
قال يعقوب الفسوي: سمعت سليمان بن حرب يقول: طلبت الحديث سنة ثمان وخمسين ومائة، واختلفت إلى شعبة، فلما مات جالست حماد بن زيد تسع عشرة سنة حتى مات، وأعقل موت ابن عون، وكنت لا أكتب عن حماد بن زيد حديث ابن عون، كنت أقول: رجل قد أدركت موته، ثم إني كتبته بعد.