رحل إلى بغداد مرتين، وإلى مصر مرتين ; سافر إلى بغداد هو وابن خاله الشيخ الموفق في أول سنة إحدى وستين فكانا يخرجان معا ويذهب أحدهما في صحبة رفيقه إلى درسه وسماعه، كانا شابين مختطين وخوفهما الناس من أهل بغداد.
وكان الحافظ ميله إلى الحديث والموفق يريد الفقه، فتفقه الحافظ وسمع الموفق معه الكثير، فلما رآهما العقلاء على التصون وقلة المخالطة أحبوهما، وأحسنوا إليهما، وحصلا علما جما، فأقاما ببغداد نحو أربع سنين، ونزلا أولا عند الشيخ عبد القادر فأحسن إليهما، ثم مات بعد قدومهما بخمسين ليلة، ثم اشتغلا بالفقه والخلاف على ابن المنى.
ورحل الحافظ إلى السلفي في سنة ست وستين، فأقام مدة، ثم رحل أيضا إلى السلفي سنة سبعين. ثم سافر سنة نيف وسبعين إلى أصبهان، فأقام بها مدة، وحصل الكتب الجيدة.
قال الضياء: وكان ليس بالأبيض الأمهق بل يميل إلى السمرة، حسن الشعر كث اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، وكان قد ضعف بصره من البكاء والنسخ والمطالعة.
قلت: حدث عنه الشيخ موفق الدين، والحافظ عز الدين محمد والحافظ أبو موسى عبد الله والفقيه أبو سليمان، أولاده، والحافظ الضياء، والخطيب سليمان بن رحمة الأسعردي، والبهاء عبد الرحمن، والشيخ الفقيه محمد اليونيني، والزين بن عبد الدائم، وأبو الحجاج بن خليل، والتقي اليلداني، والشهاب القوصي، وعبد العزيز بن عبد الجبار القلانسي، والواعظ عثمان بن مكي الشارعي وأحمد بن حامد الأرتاحي، وإسماعيل بن عبد القوي بن عزون، وأبو عيسى عبد الله بن علاق الرزاز، وخلق آخرهم موتا سعد الدين محمد بن مهلهل الجيني. وروى عنه بالإجازة شيخنا أحمد بن أبي الخير الحداد.