قال: واختلف الناس على ابن أبي سرح، فدخل فسطاطه، فرأيت غرة من جرجير؛ بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تظللان عليه بريش الطواويس، بينه وبين جيشه أرض بيضاء، فأتيت أميرنا ابن أبي سرح، فندب لي الناس، فاخترت ثلاثين فارسا، وقلت لسائرهم: البثوا على مصافكم، وحملت، وقلت لهم: احموا ظهري، فخرقت الصف إلى جرجير، وخرجت صامدا، وما يحسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه، فعرف الشر، فثابر برذونه موليا، فأدركته، فطعنته، فسقط، ثم احتززت رأسه فنصبته على رمحي، وكبرت، وحمل المسلمون، فارفض العدو ومنح الله أكتافهم.
معمر: عن هشام بن عروة، قال: أخذ ابن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل، وبه بضع وأربعون ضربة وطعنة.
وقيل: إن عائشة أعطت يومئذ لمن بشرها بسلامته عشرة آلاف. وعن عروة، قال: لم يكن أحد أحب إلى عائشة بعد رسول الله من أبي بكر، وبعده ابن الزبير.
قال الواقدي: حدثنا ربيعة بن عثمان، وابن أبي سبرة وغيرهما قالوا: جاء نعي يزيد في ربيع الأخر سنة أربع وستين، فقام ابن الزبير، فدعا إلى نفسه، وبايعه الناس. فدعا ابن عباس، وابن الحنفية إلى بيعته، فامتنعا، وقالا: حتى يجتمع لك الناس، فداراهما سنتين، ثم إنه أغلظ لهما، ودعاهما، فأبيا.
قال مصعب بن عبد الله وغيره: كان يقال لابن الزبير: عائذ بيت الله.