للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يواصل الأيام الكثيرة على ما اشتهر عنه، حتى إن بعض الناس كان يعتقد أنه لا يأكل شيئا قط، فلما بلغه ذلك أخذ شيئا، وأكله بحضرة الناس، واشتهر عنه من الرياضات والسير والكرامات والانتفاع به ما لو كان في الزمان القديم لكان أحدوثة.

ورأيته قد جاء إلى الموصل في السنة التي مات فيها، فنزل في مشهد خارج الموصل، فخرج إليه السلطان وأصحاب الولايات والمشايخ والعوام حتى آذوه مما يقبلون يده، فأجلس في موضع بينه وبين الناس شباك بحيث لا يصل إليه أحد إلا رؤية، فكانوا يسلمون عليه، وينصرفون، ثم رجع إلى زاويته.

وقال ابن خلكان أصله من بيت فار من بلاد بعلبك، وتوجه إلى جبل الهكارية، وانقطع، وبنى له زاوية، ومال إليه أهل البلاد ميلا لم يسمع بمثله، وسار ذكره في الآفاق، وتبعه خلق جاوز اعتقادهم فيه الحد، حتى جعلوه قبلتهم التي يصلون إليها، وذخيرتهم في الآخرة، صحب الشيخ عقيلا المنبجي، والشيخ حمادا الدباس وغيرهما، وعاش تسعين سنة، وتوفي سنة سبع وخمسين وخمسمائة.

قال مظفر الدين صاحب إربل: رأيت الشيخ عدي بن مسافر وأنا صغير بالموصل، وهو شيخ ربعة، أسمر اللون، رحمه الله.

قلت: نقل الحافظ الضياء عن شيخ له أن وفاته كانت في يوم عاشوراء من السنة.