للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني أنه لا يسأل عن تصرفاته مطلقا؛ لأنه فاقد الإدراك الذي هو أساس المسئولية. والقول بالمؤاخذة هو الراجح؛ لأنه لا أثر للشرب في إسقاط التكليف، وتناول البحث أن الشارع حرم الاتجار بالخمر ولو مع غير المسلم كما في الحديث «إن الله حرم بيع الخمر والميتة والأصنام (١)».

وكذلك حرم الشارع العمل في حوانيت الخمر وصناعتها؛ لأن كل ذلك وسيلة للشرب، ومن أجل ذلك لعن رسول الله تعالى عليه وسلم الأطراف المتعاملة في الخمر ودعا عليهم بالطرد. وعن أنس رضي الله تعالى عنه «لعن رسول الله تعالى عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له (٢)» رواه الترمذي وابن ماجه ورواته ثقات.

وبمقتضى ما مر من أن اسم الخمر يتناول المسكرات والمخدرات فإن ذلك يتناول تحريم الاتجار بالمخدرات. وقد نص العلماء على عدم جواز بيع العنب لمن يعمله خمرا منعا من الإعانة على المعصية وقد حرم الشارع أيضا إهداء هذه الأشياء ولو لغير المسلم، وتكلم في زراعة الحشيش والأفيون والقات ونحوها فقال إنها إعانة على المعصية ثم هي معصية من جهة أخرى لما فيها من مخالفة ولي الأمر وطاعة ولي الأمر واجبة في غير المعصية.

وبناء على ذلك يكون ثمن هذه المسكرات والمخدرات وأرباحها حرام وهي داخلة في أكل أموال الناس بالباطل وقد نص العلماء على أن من يبيع العنب لمن يعصره خمرا حرم عليه ثمنه مثل السلاح إذا بيع لمن يقاتل به مسلما.

وبناء على ذلك فهو مال خبيث وإنفاقه في القربات والصدقات غير مقبول ثم قال إن ما يحز في النفس أن قوانين بعض الدول الإسلامية خال من النص على تحريم الخمر وهي تعمل على مكافحة المخدرات والمخدرات فرع والخمور أصل فكيف وكيف يستقيم لها ذلك وهي لا تحارب الأصل؟.

ثم قال إن خير ما يوصى به في ختام البحث تأكيد الاهتمام بالنص في جميع القوانين على تحريم الخمر وبجميع أنواعها والاتجار بها مع دراسة إمكان بذل معونات الدول التي تقوم ببعض اقتصاديات على زراعة المخدرات تعويضا لها حتى يتحول نشاطها إلى النافع المثمر هذا مع إقامة برامج توعية لتوضيح مضار المسكرات والمخدرات من جميع النواحي والتوجيهات. . والله ولي التوفيق.


(١) صحيح البخاري البيوع (٢٢٣٦)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨١)، سنن الترمذي البيوع (١٢٩٧)، سنن النسائي الفرع والعتيرة (٤٢٥٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٨٦)، سنن ابن ماجه التجارات (٢١٦٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٢٦).
(٢) سنن الترمذي البيوع (١٢٩٥)، سنن ابن ماجه الأشربة (٣٣٨١).