وأنبأنا أبو محمد بن قدامة، وأبو الغنائم بن علان، إجازة، أن حنبل بن عبد الله أخبرهم: أنبأنا أبو القاسم الشيباني، أنبأنا أبو علي الواعظ، أنبأنا أبو بكر المالكي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي (ح) ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيره، عن يونس بن بكير (ح) وسهل بن عثمان، حدثنا يحيى بن أبي زائدة (ح) وعن يحيى بن آدم، عن عبد الله بن إدريس (ح) وحجاج بن قتيبة، حدثنا زفر بن قرة، جميعهم عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان، من أهل قرية منها يقال لها جي وكان أبي دهقانها، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل بي حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة.
وكانت لأبي ضيعة عظيمة، فشغل في بنيان له يوما، فقال لي: يا بني، إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها، وأمرني ببعض ما يريد. فخرجت، ثم قال: لا تحتبس علي ; فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي من ضيعتي، وشغلتني عن كل شيء من أمري.
فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس بحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم، وسمعت أصواتهم، دخلت إليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلواتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا - والله - خير من الدين الذي نحن عليه ; فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام.