للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو محمد الفرغاني في " ذيل تاريخه " على تاريخ الطبري، قال: حدثني أبو علي هارون بن عبد العزيز ; أن أبا جعفر لما دخل بغداد، وكانت معه بضاعة يتقوت منها، فسرقت فأفضى به الحال إلى بيع ثيابه وكمي قميصه، فقال له بعض أصدقائه: تنشط لتأديب بعض ولد الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان؟ قال: نعم. فمضى الرجل، فأحكم له أمره، وعاد فأوصله إلى الوزير بعد أن أعاره ما يلبسه، فقربه الوزير ورفع مجلسه، وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر، فاشترط عليه أوقات طلبه للعلم والصلوات والراحة، وسأل إسلافه رزق شهر، ففعل، وأدخل في حجرة التأديب، وخرج إليه الصبي -وهو أبو يحيى -، فلما كتبه أخذ الخادم اللوح، ودخلوا مستبشرين، فلم تبق جارية إلا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير، فرد الجميع وقال: قد شورطت على شيء، فلا آخذ سواه. فدرى الوزير ذلك، فأدخلته إليه وسأله، فقال: هؤلاء عبيد وهم لا يملكون. فعظم ذلك في نفسه.

وكان ربما أهدى إليه بعض أصدقائه الشيء فيقبله، ويكافئه أضعافا لعظم مروءته.

قال الفرغاني: وكتب إلي المراغي يذكر أن المكتفي قال للوزير: أريد أن أقف وقفا. فذكر القصة وزاد: فرد الألف على الوزير ولم يقبلها، فقيل له: تصدق بها. فلم يفعل، وقال: أنتم أولى بأموالكم وأعرف بمن تصدقون عليه.

قال الخطيب: سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي: أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.

قال الخطيب: وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفراييني الفقيه أنه قال: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرا.