للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حج سنة ثمان وثلاثمائة، فأقام في رحلته أربعين شهرا، وانصرف، فأدخل الأندلس من علم النظر ومن علم اللغة كتبا كثيرة. وامتحنه الناصر بغيرما أمانة، وأخرجه رسولا إلى غيرما وجه، فخلص محمودا، وأقام بما حمل مشكورا، ثم ولاه قضاء كورة ماردة ثم ولاه قضاء الثغور الشرقية كلها، ثم نقله إلى قضاء القضاة، والصلاة بجامع الزهراء.

قال أبو محمد بن حزم: أخبرني حكم بن منذر بن سعيد، أخبرني أبي أنه حج راجلا مع قوم رجالة، فانقطعوا وأعوزهم الماء في الحجاز وتاهوا.

قال: فأوينا إلى غار ننتظر الموت، فوضعت رأسي ملصقا بالجبل، فإذا حجر كان في قبالته، فعالجته، فنزعته، فانبعث الماء، فشربنا وتزودنا.

وقال ابن عبد البر: حدثت أن رجلا وجد القاضي منذر بن سعيد في بعض الأسحار على دكان المسجد، فعرفه، فجلس إليه، وقال: يا سيدي إنك لتغرر بخروجك، وأنت أعظم الحكام، وفي الناس المحكوم عليه والرقيق الدين، فقال: يا أخي وأنى لي بمثل هذه المنزلة؟ وأنى لي بالشهادة، ما أخرج تعرضا للتغرر، بل أخرج متوكلا على الله إذ أنا في ذمته. فاعلم أن قدره لا محيد عنه، ولا وزر دونه.