للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، فإن كانت تذكيته إياها بذبح رقبتها أو نحرها في لبتها وهي حية، وذكر اسم الله عليها أكلت اتفاقا؛ لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (١)، وإن لم يذكر اسم الله عليها عمدا ولا اسم غيره ففي جواز أكلها خلاف، وإن جهلنا أن أهل الكتاب ذكروا اسم الله على ما ذبحوه أم لا؛ فالأصل حل ذبائحهم لعموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٢) وإن ذكر اسم غير الله عليها لم تؤكل، وهي ميتة لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (٣)، وإن ضربها في رأسها بمسدس، أو سلط عليها تيارا كهربائيا - مثلا - فماتت من ذلك فهي موقوذة، ولو قطع رقبتها بعد ذلك، وقد حرمها الله في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} (٤)، إلا إذا كانت حية بعد ضرب رأسها قبلا وذكيت فتؤكل؛ لقوله تعالى في آخر هذه الآية: {وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (٥)، فاستثنى سبحانه من المحرمات ما ذكر منها إذا أدرك حيا؛ لأن التذكية لا تأثير لها في الميتة، أما ما خنق منها حتى مات، أو سلط عليه تيار كهربائي حتى مات، فلا يؤكل باتفاق، وإن ذكر اسم الله عليه حين خنقه، أو تسليط الكهرباء عليه، أو عند أكله.

أما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سموا الله وكلوا (٦)»، فإنه كان في ذبائح ذبحها قوم أسلموا، لكنهم حديثو عهد بجاهلية، ولم يعلم أذكر اسم الله عليها أم لا؟

فأمر المسلمين الذين شكوا في تسمية هؤلاء على ذبائحهم، أن يفعلوا ما عليهم، وهي التسمية عند الأكل، وأن يعملوا أمر هؤلاء الذابحين على ما عهد في المسلمين من التسمية عند الذبح.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز


(١) سورة المائدة الآية ٥
(٢) سورة المائدة الآية ٥
(٣) سورة الأنعام الآية ١٢١
(٤) سورة المائدة الآية ٣
(٥) سورة المائدة الآية ٣
(٦) صحيح البخاري البيوع (٢٠٥٧)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٦)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨٢٩)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٧٤)، موطأ مالك الذبائح (١٠٥٤)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٦).