قال أبو حفص الفلاس: كان هجيرى يحيى بن سعيد إذا سكت ثم تكلم يقول. يحيي ويميت وإليه المصير. وقلت له في مرضه: يعافيك الله - إن شاء الله. فقال: أحبه إلي أحبه إلى الله.
قال أبو حاتم الرازي: إذا اختلف ابن المبارك ويحيى القطان وابن عيينة في حديث، آخذ بقول يحيى.
قال ابن المديني: سألت يحيى عن أحاديث عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، فقال: ليست بصحاح.
الفلاس، عن يحيى، قال: كنت أنا وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ، وما تقدماني في شيء قط - يعني من العلم - كنت أذهب معهما إلى ابن عون، فيقعدان ويكتبان، وأجيء أنا، فأكتبها في البيت.
قال محمد بن يحيى بن سعيد: قال أبي: كنت أخرج من البيت أطلب الحديث، فلا أرجع إلا بعد العتمة.
قلت: كان يحيى بن سعيد متعنتا في نقد الرجال، فإذا رأيته قد وثق شيخا، فاعتمد عليه، أما إذا لين أحدا، فتأن في أمره حتى ترى قول غيره فيه، فقد لين مثل: إسرائيل، وهمام، وجماعة احتج بهم الشيخان، وله كتاب في الضعفاء لم أقف عليه، ينقل منه ابن حزم وغيره، ويقع كلامه في سؤالات علي، وأبي حفص الصيرفي، وابن معين له.
قال عبد الرحمن بن عمر رستة: سمعت علي بن عبد الله يقول: كنا عند يحيى بن سعيد، فلما خرج من المسجد، خرجنا معه، فلما صار بباب داره، وقف، ووقفنا معه، فانتهى إليه الروبي، فقال يحيى لما رآه: ادخلوا. فدخلنا، فقال للروبي: اقرأ. فلما أخذ في القراءة، نظرت إلى يحيى يتغير، حتى بلغ: إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين صعق يحيى، وغشي عليه، وارتفع صوته، وكان باب قريب منه، فانقلب، فأصاب الباب فقار ظهره، وسال الدم، فصرخ النساء، وخرجنا، فوقفنا بالباب حتى أفاق بعد كذا وكذا، ثم دخلنا عليه، فإذا هو نائم على فراشه، وهو يقول: إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين فما زالت فيه تلك القرحة حتى مات - رحمه الله.