فصاح: زاغ زاغ زاغ، فطار، ثم سقط في القمطر. فقلت: أعز الله القاضي، وعاشق أيضا؟! فضحك. فقلت: ما هذا؟ قال: هو ما ترى. وجه به صاحب اليمن إلى أمير المومنين، وما رآه بعد.
قال سعيد بن عفير: حدثنا يعقوب بن الحارث، عن شبيب بن شيبة بن الحارث، قال: قدمت الشحر على رئيسها، فتذاكرنا النسناس. فقال: صيدوا لنا منها. فلما أن رحت إليه، إذا بنسناس مع الأعوان، فقال: أنا بالله وبك! فقلت: خلوه، فخلوه، فخرج يعدو، وإنما يرعون النبات. فلما حضر الغداء قال: استعدوا للصيد، فإنا خارجون. فلما كان السحر سمعنا قائلا يقول: أبا محمد، إن الصبح قد أسفر، وهذا الليل قد أدبر، والقانص قد حضر. فعليك بالوزر.
فقال كلي ولا تراعي، فقالوا: يا أبا محمد، فهرب وله وجه كوجه الإنسان، وشعرات بيض في ذقنه، ومثل اليد في صدره، ومثل الرجل بين وركيه، فألظ به كلبان، وهو يقول:
إنكما [حين] تجارياني
ألفيتماني خضلا عناني
لو بي شباب ما ملكتماني
حتى تموتا أو تفارقاني
قال: فأخذاه. قال: يزعمون أنهم ذبحوا منها نسناسا، فقال قائل: سبحان الله، ما أحمر دمه! قال: يقول نسناس من شجرة: كان يأكل السماق، فقالوا: نسناس، فأخذوه، وقالوا: لو سكت، ما علم به.
فقال آخر من شجرة: أنا صميميت، فقالوا: نسناس خذوه. قال: وبنو مهرة يصطادونها، ويأكلونها. قال: وكان بنو أميم بن لاوذ بن سام بن نوح، سكنوا زنار أرض رمل كثيرة النخل، ويسمع فيها حس الجن حتى كثروا، فعصوا، فعاقبهم الله، فأهلكهم، وبقي منهم بقايا للعرب تقع عليهم. وللرجل والمرأة منهم يد أو رجل في شق واحد، يقال لهم: النسناس.
قلت: هذا كقول بعضهم: ذهب الناس، وبقي النسناس. يشبهون الناس، وليسوا بناس. لعل هؤلاء تولدوا من قردة وناس. فسبحان القادر.