للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا عجب أن يكون المقصود الأعظم من بعثة النبيين وإرسال المرسلين، وإنزال الكتب المقدسة، هو تذكير الناس بهذا العهد القديم، وإزالة ما تراكم على معدن الفطرة من غبار الغفلة أو الوثنية، أو التقليد الأعمى.

ولا عجب أن يكون النداء الأول لكل رسول: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (١).

بهذا دعا قومه، نوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وشعيب، كل رسول بعث إلى قوم مكذبين، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (٢).

وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (٣)، وقال تعالى بعد أن ذكر قصص طائفة كبيرة من الأنبياء: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (٤)، وكما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (٥) {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (٦).

وقد أمر الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (٧)، أي الموت، كما قال تعالى على لسان قوم: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (٨) {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} (٩) وهو الموت، فالتكليف بالعبادة لازم له حتى يلقى ربه.

ولم تسقط عنه بسمو الروح، ولا بالاتصال القوي بالله كما يدعي غلاة الصوفية.


(١) سورة هود الآية ٥٠
(٢) سورة النحل الآية ٣٦
(٣) سورة الأنبياء الآية ٢٥
(٤) سورة الأنبياء الآية ٩٢
(٥) سورة المؤمنون الآية ٥١
(٦) سورة المؤمنون الآية ٥٢
(٧) سورة الحجر الآية ٩٩
(٨) سورة المدثر الآية ٤٦
(٩) سورة المدثر الآية ٤٧