المسجد النبوي الشريف: لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بني له منزل، وأخذ من الفضاء الموجود أمام المنزل فناء واسع، يقال: كان به مربد ملك لغلامين يتيمين في المدينة هما سهل وسهيل، وهذا الموضع هو الذي بركت فيه ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن دخل إلى المدينة مهاجرا، ولذلك اختار الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الموضع ليكون مسجدا للمسلمين؛ فأمر بتمهيد أرضه وبناء المسجد واشترك هو نفسه صلى الله عليه وسلم في البناء، وتأسى به سائر المسلمين في المدينة.
كان تخطيط المسجد الأول في عهد النبي مكونا من فناء مربع متساوي الأضلاع تقريبا، تحف به جدران أربعة بنيت من اللبن على أسس من الحجارة، وجعلت القبلة في الجدار الشمالي من حجارة منضودة بعضها فوق بعض، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبنى في الطرف الجنوبي من الجانب الشرقي مسكنان لزوجتيه: أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، وأم المؤمنين سودة بنت زمعة، ثم بنيت في جهة القبلة سقيفة من جريد لتقي الناس من حرارة الشمس وهم وقوف في الصلاة، وكانت هذه السقيفة مغطاة بسعف النخيل، وترتكز على جذوع النخل، وعندما تحولت القبلة إلى الجنوب تجاه مكة المكرمة أقيمت بالمسجد سقيفة أخرى في الجهة الجنوبية على غرار السقيفة القديمة التي بقيت يستظل بها فقراء المدينة من المسلمين، وبذلك أصبح للمسجد جزء مكشوف في الوسط هو الصحن (الفناء)، وظلتان إحداهما في الشمال والأخرى إلى الجنوب. وبعد نحو سبع سنوات من الهجرة ضاق المسجد بالمصلين؛ فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتوسيعه، فأصبح طول كل ضلع بالمسجد مائة ذراع، وصار جدار المسجد الشرقي ملتصقا ببيوت النبي صلى الله عليه وسلم.