للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأكل وهو أعظم منافعه وسببه إتلاف أكثر الأشياء.

قوله: (وشاهديه) رواية أبي داود بالإفراد والبيهقي وشاهديه أو شاهده، قوله: (وكاتبه) دليل على تحريم كتابة الربا إذا علم ذلك، وكذلك الشاهد لا يحرم عليه الشهادة إلا مع العلم، فأما من كتب أو شهد غير عالم فلا يدخل في الوعيد، قوله: (أشد من ست وثلاثين. . . إلخ) يدل على أن معصية الربا من أشد المعاصي لأن المعصية التي تعدل معصية الزنا التي هي في غاية الفظاعة والشناعة بمقدار العدد المذكور بل أشد منها لا شك أنها قد تجاوزت الحد في القبح، وأقبح منها استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم ولهذا جعله الشارع أربى الربا. فالرجل يتكلم بالكلمة التي لا يجد لها لذة ولا تزيد في ماله ولا جاهه فيكون إثمه عند الله أشد من إثم من زنى ستا وثلاثين زنية هذا ما لا يصنعه بنفسه عاقل (١).

٤ - حديث سمرة بن جندب الطويل نجتزئ منه بما يلي: قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة أقبل علينا بوجهه فقال: هل رأى منكم أحد الليلة رؤيا فإن كان أحد رأى فيها رؤيا قصها عليه فيقول فيها ما شاء الله، فسألنا يوما هل رأى أحد منكم رؤيا فقلنا: لا، قال: ولكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى أرض مستوية أو فضاء، فمررنا برجل جالس ورجل قائم على رأسه وبيده كلوب من حديد يدخله في شدقه فيشقه حتى يبلغ فاه ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا فيعود فيه فيصنع به مثل ذلك، قال: قلت ما هذا؟ قالا: انطلق، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم في سرد رؤيته إلى أن قال: فانطلقنا حتى نأتي على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى شط النهر رجل قائم بين يديه حجارة فأقبل ذلك الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج منه رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فرده حيث كان، فقلت لهما: ما هذا؟ قالا: انطلق (٢)». الحديث أخرجه البخاري نعرض بعد هذا للإيضاح عن الفقرات التي وردت في هذا الحديث عن الملكين:

قالا: أما الرجل الذي رأيت يشق شدقه فإنه رجل كذاب يتحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فهو يصنع به ما ترى إلى يوم القيامة، وأما الرجل الذي رأيته يشدخ رأسه فإن ذلك رجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل بما فيه بالنهار فهو


(١) نيل الأوطار، ح ٥ (ص ٢٩٦ - ٢٩٧).
(٢) صحيح البخاري التعبير (٧٠٤٧)، صحيح مسلم الرؤيا (٢٢٧٥)، سنن الترمذي الرؤيا (٢٢٩٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٥).