للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع شرط الزيادة (١) اهـ.

وذكر صاحب تفسير آيات الأحكام أن الربا ينقسم إلى قسمين: ربا النسيئة، وربا الفضل. فربا النسيئة: هو الذي كان معروفا بين العرب في الجاهلية لا يعرفون غيره وهو أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا. فإذا حل الأجل طولب المدين برأس المال كاملا فإن تعذر الأداء زادوا في الحق والأجل.

وربا الفضل: أن يباع من الحنطة بمنوين منها أو درهم بدرهمين أو دينار بدينارين أو رطل من العسل برطلين، وقد كان ابن عباس لا يحرم إلا القسم الأول، وكان يجوز ربا الفضل اعتمادا على ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الربا في النسيئة (٢)» ولكن لما تواتر عنده الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحنطة بالحنطة مثلا بمثل يدا بيد (٣)» وذكر الأصناف الستة كما رواه عبادة بن الصامت وغيره رجع عن قوله.

وأما قوله عليه السلام: «وإنما الربا في النسيئة (٤)» فمحمول على اختلاف الجنس، فإن النسيئة حينئذ تحرم ويباح التفاضل كبيع الحنطة بالشعير تحرم فيه النسيئة ويباح التفاضل ولذلك وقع الاتفاق على تحريم الربا في القسمين. أما (الأول): فقد ثبت تحريمه بالقرآن، (وأما الثاني): فقد ثبت تحريمه بالخبر الصحيح. كما روي عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد (٥)». واشتهرت روايته هذه حتى كانت مسلمة عند الجميع.

ثم اختلف العلماء بعد ذلك فقال نفاة القياس: إن الحرمة مقصورة على هذه الأشياء الستة، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وجمهور الفقهاء: إن الحرمة غير مقصورة على هذه الأشياء الستة، بل تتعداها إلى غيرها. وأن الحرمة ثبتت في هذه الستة لعلة، فتتعدى الحرمة إلى كل ما توجد فيه تلك العلة، ثم اختلفوا في هذه العلة. فقال الحنفية: إن العلة هي اتحاد هذه الأشياء الستة في الجنس والقدر- أي الكيل والوزن- فمتى اتحدت البلدان في الجنس والقدر حرم الربا كبيع الحنطة بالحنطة وإذا عدما معا حل التفاضل والنسيئة كبيع الحنطة بالدراهم إلى أجل. وإذا عدم القدر واتحد الجنس حل الفضل دون النسيئة كبيع عبد بعبدين،


(١) أحكام القرآن للجصاص، ص ٥٥٢.
(٢) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٦)، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٥٨١)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٧)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٨٠).
(٣) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٨)، سنن النسائي البيوع (٤٥٥٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٥)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٣٢).
(٤) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٦)، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٥٨١)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٠٠).
(٥) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن النسائي البيوع (٤٥٦١)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).