هذه المرحلة بكتب تؤلف في الموضوع الواحد. فألف أبو زيد كتابا في المطر، وكتابا في اللبن وألف الأصمعي كتبا كثيرة، كل كتاب في موضع.
والمرحلة الثالثة: وضع معجم يشمل كل الكلمات العربية كل نمط خاص يرجع إليه من أراد البحث عن معنى كلمة. . . هذه هي المراحل الطبيعية لجمع اللغة. وكانت كل مرحلة من هذه المراحل تسلم إلى ما بعدها (١).
غير أن الذي ينبغي أن نتنبه إليه- وإن لم يكن ليقدم في فكرة المراحل الطبيعية هذه - أن الرواية أو المرحلة الأولى لجمع اللغة ما كانت خالصة للغة خاصة بها؛ إذ لم تكن العلوم الدينية قد استقلت عن العربية ذلك العهد، ولم تكن اللغة الباعث الوحيد أو الرئيس للرواية، بل كانت الدراسات القرآنية أهم بواعثها.
وعلى أي حال فلقد رويت الألفاظ العربية مفردات وعبارات منشورة أو منظومة عن طرف أولئك الرواة أيا كان ما حفزهم إلى الرواية. والأهم من هذا أنه ليست هناك فواصل زمنية فصلت بين مرحلة وأخرى كما قد يوهم ما ذكره الأستاذ أحمد أمين فهذه المراحل متصلة تمام الاتصال، بل نستطيع أن نقول: إنها متداخلة ببعضها فلقد ألفت كثير من الرسائل الخاصة بالموضوعات- وهي المرحلة الثانية- بعد المرحلة الثالثة، مرحلة ابتكار المعجم الشامل. بل إن الرواية ذاتها- المرحلة الأولى- قد امتدت إلى ما بعد ابتكار المعجم. ويكفي في هذا أن ننظر في أشهر رواة اللغة وما أنتجوه لنتبين مثل هذا التداخل غير أن هذا لا يعني- بالطبع- أن المعجم أو ابتكاره قد سبق الرواية وتأليف الرسائل الخاصة بالموضوعات؛ لأن امتداد المرحلتين أو إحداهما إلى ما بعد المرحلة الثالثة لا يتعارض مع تقدمها فضلا عن أن ينفيه.
ومهما يكن من شيء، فلقد تم ابتكار المعجم اللغوي العربي في النصف الثاني من