للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن سماه صاحبه استشفاعا وتوسلا، والخمر خمر وإن سماها صاحبها نبيذا ".

فهذه صور حقيقية وإن سماها صانعوها والمتاجرون فيها والمفتونون بالصور لعب أطفال، وفي الحديث: «يجيء في آخر الزمان أقوام يستحلون الخمر يسمونها بغير اسمها (١)».

ومن زعم أن لعب عائشة رضي الله عنها صور حقيقية لذوات الأرواح فعليه إقامة الدليل ولن يجد إلى ذلك سبيلا، فإنها ليست منقوشة ولا منحوتة ولا مطبوعة من المعادن المنطبقة ولا نحو ذلك. بل الظاهر أنها من عهن أو قطن أو خرق أو قصبة، أو عظم مربوط في عرضه عودا معترضا بشكل يشبه الموجود في اللعب في أيدي البنات الآن في البلدان العربية البعيدة عن التمدن والحضارة مما لا تشبه الصورة المحرمة إلا بنسبة بعيدة جدا؛ لما في صحيح البخاري من «أن الصحابة يصومون أولادهم فإذا طلبوا الطعام أعطوهم اللعب من العهن يعللونهم بذلك (٢)». ولما في سنن أبي داود وشرحها من حديث عائشة من ذكر الفرس ذي أربعة أجنحة من رقاع يعني من خرق، ولما علم من حال العرب من الخشونة غالبا في أوانيهم ومراكبهم وآلاتهم آلات اللعب وغيرها. وفيما ذكرت ها هنا مقنع لمريد الحق إن شاء الله تعالى.

ثم ليعلم أن تطور الزمن بأي نسبة لا يخرج شيئا عن حكمه الشرعي؛ إذ رفع حكم ثبت شرعا بالحوادث لا يجوز بحال لأنه يكون نسخا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسا وربما شبه ها هنا بعض الجهلة بقول عائشة رضي الله عنها: "لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد، ولا حجة فيه بحمد الله على تغيير الأحكام الثابتة شرعا بالحوادث، فإن عائشة ردت الأمر إلى صاحب الشرع فقالت: لو رأى لمنع. ولم تمنع هي، ولم تر لأحد أن يمنع، وهذا واضح بحمد الله، والله الموفق.

محمد بن إبراهيم آل الشيخ - الرياض ٢٢/ ٥ / ١٣٧٣ هـ.

انتهى المراد من كلامه رحمه الله تعالى.


(١) سنن النسائي الأشربة (٥٦٥٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٣٧).
(٢) صحيح البخاري الصوم (١٩٦٠)، صحيح مسلم الصيام (١١٣٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٥٩).