الوجه السابع. ما تقدم من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من عاد لصنعة شيء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (١)»، وفي هذا الزجر الأكيد أوضح دليل على تحريم اتخاذ الصور كلها، ولا فرق بين أن تكون لعبا أو غير لعب.
وأكثر الأحاديث التي تقدم ذكرها تدل على ما دل عليه هذا الحديث من عموم تحريم الصنعة والاتخاذ لكل صورة من صور ذوات الأرواح؛ وعلى هذا فيتعين القول بأن لعب عائشة رضي الله عنها لم تكن صورا حقيقية.
الوجه الثامن: أن التخصيص نوع من النسخ لكونه رفعا لبعض أفراد الحكم العام بدليل خاص، والنسخ لا بد فيه من أمرين:
أحدها: ثبوت دليل النسخ.
والثاني: تأخر تاريخه عن تاريخ المنسوخ.
وإذا فرضنا إمكان ما زعمه عياض وغيره من تخصيص صور البنات من عموم النهي عن الصور بناء على أن لعب عائشة رضي الله عنها كانت صورا حقيقية فلا بد إذا من إقامة الدليل على أن لعب عائشة رضي الله عنها كانت صورا حقيقية.
ولا بد أيضا من ثبوت التخصيص بأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم رأى تلك الصور عند عائشة رضي الله عنها بعد نهيه العام عن الصور فأقرها على الاتخاذ. وإذا كان كل من الأمرين معدوما فلا شك في بطلان ما زعمه عياض ومن قال بقوله.
وقد قال المروذي في كتاب الورع (باب كراهة شراء اللعب وما فيه الصور): قيل لأبي عبد الله -يعني الإمام أحمد بن حنبل - ترى للرجل الوصي تسأله الصبية أن يشتري لها لعب؟ فقال: إن كانت صورة فلا. وذكر فيها شيئا.
قلت: الصورة إذا كانت يدا أو رجلا؟ فقال عكرمة: يقول: كل شيء له رأس فهو صورة، قال أبو عبد الله: فقد يصيرون لها صدرا أو عينا وأنفا وأسنانا، قلت: فأحب إليك أن يجتنب شراؤها، قال: نعم. وقال الإمام أحمد - أيضا- في رواية بكر بن محمد وقد سئل