يسأم من تكرير ذلك عند تكرره، فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك فقد حرم حظا عظيما. وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالحة، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية. ولا يقتصر فيه على ما في الأصل.
وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى، وما ضاهى ذلك إلى أن قال:(ثم ليتجنب في إثباتها نقصين: أحدهما أن يكتبها منقوصة صورة رامزا إليها بحرفين أو نحو ذلك، والثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بألا يكتب (وسلم)، وروي عن حمزة الكناني - رحمه الله تعالى - أنه كان يقول: كنت أكتب الحديث، وكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أكتب (وسلم)، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: ما لك لا تتم الصلاة علي؟ قال: فما كتبت بعد ذلك صلى الله عليه إلا كتبت (وسلم) إلى أن قال ابن الصلاح: قلت ويكره أيضا الاقتصار على قوله (عليه السلام) والله أعلم. انتهى المقصود من كلامه - رحمه الله تعالى- ملخصا.
وقال العلامة السخاوي - رحمه الله تعالى - في كتابه "فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي " ما نصه: واجتنب أيها الكاتب (الرمز لها) أي: الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك، بأن تقتصر منها على حرفين ونحو ذلك فتكون منقوصة - صورة - كما يفعله (الكتاني) والجهلة من أبناء العجم غالبا وعوام الطلبة فيكتبون بدلا من صلى الله عليه وسلم (ص) أو (صم) أو (صلم) أو (صلعم) فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتابة خلاف الأولى.
وقال السيوطي - رحمه الله تعالى - في كتابه "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ": ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة كما في شرح مسلم وغيره؛ لقوله تعالى:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(١). إلى أن قال: ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب (صلعم) بل يكتبهما بكمالهما. انتهى المقصود من كلامه - رحمه الله تعالى- ملخصا.
هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب أن يلتمس الأفضل، ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه، ويبتعد عما يبطله أو ينقصه. نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقنا جميعا لما فيه رضاه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.