للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما: لو وجد سكران وقد تقيأ الخمر فقيل: حكمه حكم الرائحة، وقدمه في الفصول وجزم به في الرعاية الكبرى.

وقيل: يحد هنا وإن لم نحده بالرائحة، واختاره المصنف والشارح، وهو ظاهر كلامه في الإرشاد، وهذا المذهب على ما اصطلحناه في المقدمة وأطلقهما في الفروع.

والثانية: يثبت شربه للخمر بإقراره مرة على الصحيح من المذهب كحد القذف، جزم به في الفصول والمذهب والحاوي الصغير والمغني والشرح وقدمه في الفروع.

وعنه مرتين واختاره القاضي وأصحابه وصححه الناظم، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين، وجزم به في المنور وغيره، وجعل أبو الخطاب أن بقية الحدود لا يثبت إلا بإقراره مرتين. وقال في عيون المسائل في حد الخمر بمرتين وإن سلمناه؛ فلأنه لا يتضمن إتلافا بخلاف حد السرقة، قال في الفروع: ولم يفرقوا بين حد القذف وغيره؛ لأنه حق آدمي كالقود، فدل على رواية فيه، قال: وهذا متجه.

ويثبت أيضا شربها بشهادة عدلين مطلقا على الصحيح من المذهب، وقيل: ويعتبر قولهما، عالما بتحريمه واختياره وأطلقهما في الرعاية الكبرى (١) انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: والحد واجب إذا قامت البينة أو اعترف الشارب، فإن وجدت منه رائحة الخمر أو رؤي وهو يتقايؤها ونحو ذلك فقد قيل: لا يقام عليه الحد؛ لاحتمال أنه شرب ما ليس بخمر أو شربها جاهلا بها أو مكرها ونحو ذلك.

وقيل: يجلد إذا عرف أن ذلك مسكر، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة كعثمان وعلي وابن مسعود، وعليه تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي اصطلح عليه الناس، وهو مذهب مالك وأحمد في غالب نصوصه. انتهى (٢).

وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: وحكم عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة بوجوب الحد برائحة الخمر من قيء الرجل أو قيئه خمرا اعتمادا على القرينة الظاهرة. انتهى (٣).


(١) الإنصاف / ١٠/ ٢٣٣.
(٢) السياسة الشرعية / ٥١.
(٣) الطرق الحكيمة / ٦.