للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الأول:

إن شارب الخمر إذا شرب ثم حد، ثم شرب ثم حد، ثم شرب ثم حد، ثم شرب الرابعة قتل، وهذا يقول به ابن حزم ومن يوافقه من أهل العلم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقيل: هو محكم وقد يقال: هو تعزير يفعله الإمام عند الحاجة، وقال أيضا: وطائفة يقولون: إذا لم ينتهوا عن الشرب إلا بالقتل جاز ذلك. انتهى المقصود (١).

والحجة لهذا القول:

١ - قال ابن حزم: نا أحمد بن قاسم نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم نا جدي قاسم بن أصبغ نا الحرث- هو ابن أبي أسامة - نا عبد الوهاب بن عطاء نا قرة بن خالد عن الحسن بن عبد الله بن البصري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: ائتوني برجل أقيم عليه حد في الخمر؛ فإن لم أقتله فأنا كاذب. انتهى (٢).

وهذا الحديث رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه (٣)» قال عبد الله: ائتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة فلكم علي أن أقتله. وأجيب عن هذا الحديث بأنه منقطع فلا حجة لهم فيه، قال ابن حجر: (وهذا منقطع؛ لأن الحسن لم يسمع من عبد الله بن عمرو كما جزم به ابن المديني وغيره، فلا حجة فيه، وإذا لم يصح هذا عن عبد الله بن عمرو لم يبق لمن رد الإجماع على ترك القتل متمسك حتى ولو ثبت عن عبد الله بن عمرو لكان عذره أنه لم يبلغه النسخ، وعد ذلك من نزره المخالف.

وقد جاء عن عبد الله بن عمرو أشد من الأول، فأخرج سعيد بن منصور عنه بسند لين قال: لو رأيت أحدا يشرب الخمر واستطعت أن أقتله لقتلته) (٤) انتهى.

٢ - عن معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إذا شربوا فاجلدوهم، ثم إذا شربوا الرابعة فاقتلوهم (٥)» رواه الخمسة إلا النسائي، قال الشوكاني: قال البخاري: هو أوضح ما في هذا الباب، وأخرجه أيضا الشافعي والدارمي


(١) مجموع الفتاوى ٣٤/ ٢١٧.
(٢) السياسة الشرعية / ٤٩ - ٥٠.
(٣) سنن الترمذي كتاب الحدود (١٤٤٤)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٨٢)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٩٣).
(٤) الفتح / ١٢/ ٨٠ - .
(٥) سنن الترمذي كتاب الحدود (١٤٤٤)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٨٢)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٩٥).