للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القانون لم يحل المشكلة وليس هو بالناحية الأساسية فالاعتماد عليه خطر، فالحق أن علاجها من وجهة النظر النفسية والاجتماعية بالرجوع إلى حالة سلوك واقعية، ثم يجيء القانون من بين الحواجز المثبطة وتلخيص الحل في التغيير الجوهري للعناصر التي يعيش فيها الفرد بحيث تهيئ له الفرص التي يشبع فيها حاجاته في ظل التكامل الصادق الذي يشعر الشخص بالتفاؤل والنجاح) ويا حبذا لو قال الباحث: إن الدين أكبر مصلح ومهذب، موجه للوعي إلى كل خير ورشاد، فهل يعود الإنسان إلى دينه الذي بعث الله به النبيين هدى ورحمة؟ اللهم حقق ذلك لعبادك الضالين واهدنا الصراط المستقيم يا رب العالمين.

مما تقدم يتبين أن المخدرات مما يقوض أركان مقاصد الإسلام الخمسة، ويزلزل بنيانها على شيء من التفاوت، وبيان ذلك أنها تؤثر في العقل وتخل بتوازنه، وهو تلك اللطيفة الربانية التي يبصر بها الإنسان وجوه الصواب وطرق الرشاد، ويعبد بها ربه والتي ينوه الله - سبحانه - بها فيجعلها وقاية من الشرور وسلامة من العذاب يوم القيامة إذا سلمت من الهوى، فيقول في الحديث عن بعض ما يصدر من أهل النار وهم في سعيرها: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (١)، يقول سبحانه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (٢).

إن هذا العقل الذي استحق به الإنسان أن يكون خليفة في الأرض وسخر الله له جميع الكون لعرضة للتضحية به في شربة كأس، أو مضغة حشيش، أو أفيون، أو غيرها عن الخبائث. فويل لمن خسر عقله ضحية متعة موهومة أو نشوة منقضية مذمومة؛ لأن وراءها آفات تفسد الحياة، وترد الإنسان من شر ما خلق الله.

ألست ترى ذبول أبدانهم وصفرة ألوانهم، وتعشيش الفقر في بيوتهم ولفظ المجتمع لهم، وترحيب السجون بهم، وهل سميت المخدرات إلا لأنها تغطي العقل، والعقل إذا تغطى عبث الذئب بصاحبه وصار أطوع من الطفل لشيطانه فلم يستح من فعل يصدر منه، ولم يفكر في كلمة تخرج من فمه، والمرء بأصغريه قلبه ولسانه. أما قلب المتخدر؛ فإنه في إجازة لا يدري متى بعود منها، وأما لسانه فإنه ينطق بلا عقل يريه كيف ينطق. ولهذا روي أن


(١) سورة الملك الآية ١٠
(٢) سورة ق الآية ٣٧