جل شأنه في كتابه الكريم:{وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}(١) ويمكن أن نشير في مناسبة الآية الكريمة إلى أن من يتعاطون المخدرات من أعرق الناس في السفه؛ لأنهم ينفقون أموالهم فيما يضر عقولهم وأبدانهم، ويسرفون في ذلك حتى ينتهي بهم تماديهم وإسرافهم إلى الفقر، ويصبحون في أمس الحاجة إلى من ينفق عليهم ويتولى أمرهم، وربما لا يجدون ذلك، وصدق القائل:
دية العقل بدرة فلماذا ... يا خسيسا قد بعته بحشيشة
فمن الآن فليشعر متعاطي هذه المخدرات أو من يفكر في صحبة متعاطيها أنها جناية على المال وتعريض به للضياع؛ لأن قليلها يدعو إلى كثيرها، والمضغة الواحدة منها طريق إلى التمادي فيها، وأن فيها معصية لله - سبحانه - بإضاعة المال وحرمان مستحقه من الأهل والعيال، وكيف ترضى شريعة الإسلام ذلك لا سيما أنها إضاعة تأخذ معها العقل وتسلب الدين؟!
وأما حفظ النسب: فإن مرجعه إلى التوقي من الزنا وحفظ الفرج من غير الزوج الشرعي، وكيف يكون التوقي لمن طار عقله وطاش لبه وضعف دينه وذهب حياؤه؟! على أنه قد نص العلماء كابن تيمية وغيره أن متعاطي الحشيشة ديوث لا يغار على عرضه ولا يبالي أن يعتدى على حريمه وأهله؛ لأنه فقد التقدير وخسر عقله وأعصابه.
وأما حفظ النفس: فإن مرجعه إلى المحافظة على البدن من الأمراض والحيلولة بينه وبين التهلكة، والمخدرات لا تعرف المحافظة على البدن، ولا تلتقي معها؛ ولهذا كثرت ضحاياها التي استفاض أمرها وغصت المستشفيات العقلية بأصحابها، وما أكثر من يموت من مدمنيها بالسكتة القلبية وهو أحوج ما يكون إلى أن يرعى نفسه أو من حوله من آباء وأبناء.
فهذه المخدرات محادة لله ولرسله وللأديان السماوية التي أمرت بحفظ الضروريات التي هي قوام الدين والدنيا، فهل تجد مجالا في الإسلام لمن عرف السبيل إلى هذه السموم الفتاكة؟ نسأل الله العافية والسلام.