للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي شأنه وشأني.

ويطلق رابعة ويراد منه الطاعة والانقياد، يقال: دان له دينا وديانة: أي خضع، وذل، وأطاع.

ويطلق خامسة ويراد منه ما يتدين به الإنسان، يقال: دان بكذا، أي اتخذه دينا وتعبد به (١).

وكلامنا في هذا البحث عن الدين بالمعنى الأخير، وهو ما يتدين به الإنسان، ولا شك أنه بهذا المعنى يدخل في مفهومه المعنى الذي قبله مباشرة، وهو الخضوع والذل والطاعة؛ لأن من دان بدين يخضع لتعاليمه، وينقاد لها، ولا يحيد عنها، كما أنه ليس بعيدا عن سائر المعاني الأخرى؛ لأنها كلها تدور حول معنى واحد، هو الانقياد والخضوع لسلطان معين.

أما الدين في نظر علماء الأديان، فقد عرفه بعضهم بأنه: " وضع إلهي سائق لذوي العقول - باختيارهم إياه - إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل، وهذا يشمل العقائد والأعمال " (٢).

ومعنى هذا، أن لفظ الدين عند هؤلاء، لا يتناول إلا الأديان السماوية: كاليهودية والمسيحية والإسلام، أما غيرها من الأديان التي اصطلح عليها بعض الناس دون أن يكون لها صلة بالسماء، فليست دينا في نظرهم.

ويرى فريق آخر من العلماء: أن الدين هو " عبارة عن الإيمان والعبادة مهما كانا، فإيمان الوثنيين دين. أو هو عبارة عن الإيمان بقوة أو قوات سائدة تحكم الأرض، وعن عبادة تلك القوة أو القوات، فيقال: دين حق، ودين باطل " (٣).

ومعنى هذا: أن الدين عند هؤلاء يشمل الأديان السماوية وغيرها من الأديان التي هي من صنع البشر، ولا تمت إلى الله بسبب، وقد يشهد لهذا، أن الله سمى الديانات غير الحقة دينا فقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} (٤)، وقال: فيما أمر به نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله لكفار قريش: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين} (٥). والواقع أنه لا خلاف بين الفريقين: فالفريق الأول نظر نظرة خاصة، والفريق الثاني نظر نظرة عامة، ونحن في بحثنا عن الدين والتدين كظاهرة اجتماعية لا نقصد المعنى الخاص، لا موسعا بحيث يشمل الأديان السماوية كلها، ولا مضيقا بحيث يقتصر على الإسلام وحده، وإنما نقصد المعنى العام الذي يشمل الأديان كلها: سماويها وأرضيها.


(١) انظر مادة (دين) في القاموس المحيط، والمعجم الوسيط.
(٢) دائرة المعارف للبستاني مادة (دين).
(٣) المرجع السابق.
(٤) سورة آل عمران الآية ٨٥
(٥) سورة الكافرون الآية ٦