للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التنكيل بهم؛ جزاء وفاقا بما كسبت أيديهم من التعرض لانتهاك حرمات المؤمنات.

وهناك طائفة أخرى أرجفت في المدينة بنشر أخبار كاذبة، كحديثهم عن قوة الكفار واجتماعهم وتعاونهم ومسيرهم إلى المؤمنين؛ ليدخلوا بذلك الفزع على المؤمنين؛ فيتخاذلوا على نحو ما ذكر الله تعالى عنهم في الآيات الأولى من سورة الأحزاب، فهؤلاء ليسوا أقل خطرا ممن قبلهم على كيان الأمة، وإن كانت الأولى في الأعراض إشاعة للفاحشة وتدنيسا للأخلاق، والثانية في السياسة تخذيلا وتحطيما للأعصاب، وقد أنذرهم الله بما أنذر به من تعرض بالأذى لنساء المؤمنين، وهددهم بالتشريد والنفي والتقتيل أين ما ثقفوا، مع أنه لم يثبت على هؤلاء ولا أولئك ما يوجب الرجم أو الجلد أو القصاص، وإنما وقع منهم ما يوجب التعزير بالنفي والتقتيل إن لم يكفوا عن جريمتهم، ولم يكن ذلك لمجرد نفاقهم ومرض قلوبهم وضعف نفوسهم، فليس ببعيد أن يبلغ ولي الأمر بالتعزيز فيما نحن بصدد بحثه أو بيان عقوبته قتلا- والمروجون لشرب الخمر وتناول المخدرات بأي وسيلة من وسائل الترويج والإغراء، وإن لم يتناولوا شيئا مسكرا أو مخدرا، لكنهم سعوا في الأرض فسادا.

وبعد فالواقع الأليم، والبلاء الداهم ليس من عدم وجود أصول علمية واضحة، ولا من عدم وقوف القضاة الأفاضل عليها وفهمهم إياها.

فالنظريات العلمية والقواعد الفقهية متيسرة مطروقة، والقضاة - والحمد لله - قد وقفوا عليها وفهموها، وإنما جاء ذلك من البطء في اتخاذ الإجراءات، والتراخي في تطبيق القواعد الفقهية عليها مع مراعاة الظروف والأحوال المحيطة بها، وشاهد ذلك أنه قد حدثت أحداث من جنس موضوع البحث، ونالت العناية في تعجيل الإجراءات، وأخذ المسئولون عنها أنفسهم بالحزم وقوة العزم والجد والاجتهاد في فحصها، والبت فيها فصدر الحكم، وتم التنفيذ في عدة أيام. والواقع خير شهيد، فطريقة تعجيل النظر في القضايا المهمة وإحكام بحثها وإصدار الحكم فيها معلومة مطروقة. فلتسلك في مثل هذه القضايا مستقبلا كما سلكت قبل في نظائرها؛ فإن هذا هو حل المشكلة والطريق لإنقاذ الأمة من ويلات الحوادث المؤلمة التي تلظى بنارها.

وقد عرض هذا بعض أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة السابعة عشرة، لكن تغلبت فكرة إعداد بحث فأعد بذكر أراء الفقهاء - رحمهم الله - الاجتهادية والنظرية، وتطبيق ذلك نظريا إجمالا على الجزيئات المقترح بيان الحكم فيها.

أما تطبيقه تفصيلا على