للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي أعدته اللجنة الدائمة، وبعد المناقشة المستفيضة وتداول الرأي انتهى المجلس إلى ما يلي:

أولا: ما يتعلق بقضايا السطو والخطف:

لقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس، والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة، وهي الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال، وقدر تلك الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم، وما تسببه من التهديد للأمن العام في البلاد والله - سبحانه وتعالى - قد حفظ للناس أديانهم، وأبدانهم، وأرواحهم، وأعراضهم وعقولهم؛ بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص، وأن تنفيذ مقتضى آية الحرابة، وما حكم به صلى الله عليه وسلم في المحاربين، كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان، وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين؛ إذ قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١) وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أنس رضي الله عنه قال: «قدم رهط من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا في الصفة فاجتووا المدينة فقالوا: يا رسول الله أبغنا رسلا. فقال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتوها فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صحوا وسمنوا؛ وقتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الصريخ، فبعث الطلب في آثارهم، فما ترجل النهار حتى أتي بهم، فأمر بمساير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم، وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرة يستسقون فما سقوا حتى ماتوا (٢)». قال أبو قلابة: سرقوا وقتلوا وحاربوا الله ورسوله. اهـ.

وبناء على ما تقدم فإن المجلس يقرر الأمور التالية:

أ- إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا، المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض، أو أحدث إخافة السبيل


(١) سورة المائدة الآية ٣٣
(٢) صحيح البخاري الحدود (٦٨٠٤)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧١)، سنن الترمذي الطهارة (٧٢)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠٣١)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٦٤)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٠٧).