للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكورين دالة على المنع هي قوله: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (١) وهذا العموم لا شك أنه يتناول بظاهرة ناكح يده، وظاهر عموم القرآن لا يجوز العدول عنه إلا لدليل من كتاب أو سنة يجب الرجوع إليه، أما القياس المخالف له فهو فاسد الاعتبار كما أوضحنا، والعلم عند الله تعالى. اهـ.

وقال أبو الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الحسني الإدريسي في كتابه الاستقصاء لأدلة تحريم الاستمناء - أو العادة السرية - من الناحيتين الدينية والصحية، ما نصه: (الباب الأول في تحريم الاستمناء وبيان دليله: ذهب المالكية والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى أن الاستمناء حرام، وهذا هو المذهب الصحيح الذي لا يجوز القول بغيره، وعليه أدلة كما يتبين بحول الله تعالى:

الدليل الأول:

قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (٢) {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (٣) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (٤) وجه الدلالة من هذه الآية الكريمة ظاهر، فإن الله تعالى مدح المؤمنين بحفظهم لفروجهم مما حرم عليهم، وأخبر برفع الحرج واللوم عنهم في قربانهم لأزواجهم، وإمائهم المملوكات لهم مستثنيا ذلك من عموم حفظ الفرج الذي مدحهم به، ثم عقب بقوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى} (٥) أي طلب {وَرَاءَ ذَلِكَ} (٦) أي سوى ذلك المذكور من الأزواج والإماء {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (٧) أي الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام؛ لأن العادي هو الذي يتجاوز الحد، ومتجاوز ما حده الله ظالم بدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٨) فكانت هذه الآية عامة في تحريم ما عدا صنفي الأزواج والإماء، ولا شك أن الاستمناء غيرهما، فهو حرام ومبتغيه ظالم بنص القرآن، ثم استرسل في ذكر الأدلة إلى أن قال: (الدليل السادس: ثبت في علم الطب أن الاستمناء يورث عدة أمراض: منها: أنه يضعف البصر، ويقلل من حدته المعتادة إلى حد بعيد، ومنها: أنه يضعف عضو التناسل، ويحدث فيه ارتخاء جزئيا أو كليا، بحيث يصير فاعله أشبه بالمرأة؛ لفقده أهم مميزات الرجولة التي فضل الله بها الرجل على المرأة، فهو لا يستطيع الزواج، وإن فرض أنه تزوج فلا يستطيع القيام بالوظيفة الزوجية على الوجه المطلوب، فلا بد أن تتطلع امرأته إلى غيره؛ لأنه لم يستطع إعفافها، وفي ذلك مفاسد لا تخفى.


(١) سورة المؤمنون الآية ٧
(٢) سورة المؤمنون الآية ٥
(٣) سورة المؤمنون الآية ٦
(٤) سورة المؤمنون الآية ٧
(٥) سورة المؤمنون الآية ٧
(٦) سورة المؤمنون الآية ٧
(٧) سورة المؤمنون الآية ٧
(٨) سورة البقرة الآية ٢٢٩