للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صارت إلى خمس صلوات، وكل ذلك يدل على إثبات العلو لله تعالى، وأنه بائن من خلقه. وفيه أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقة معية ذاتية.

ومما يرد به على صاحب المقال أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم للجارية: «أين الله؟ فقالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة» رواه مالك وأحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه. قال أبو عثمان الصابوني: حكم بإيمانها لما أقرت أن ربها في السماء، وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية.

وما يرد به عليه أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء (١)»، رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ومما يرد به عليه أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء (٢)». رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والبخاري في الكنى، والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي.

ومما يرد به عليه أيضا ما جاء في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من اشتكى شيئا فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك (٣)» الحديث رواه أبو داود.

وقال البيهقي في كتاب " الأسماء والصفات ": معنى قوله في هذه الأخبار: من في السماء، أي فوق السماء على العرش كما نطق به الكتاب والسنة. انتهى.

ومما يرد به عليه أيضا ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك! (٤)» رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي وقال: حديث حسن غريب.

وفي كون الداعي يمد يديه إلى السماء خاصة دون سائر الجهات أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية. ولو كان الأمر على ما زعمه القائل على الله بغير علم


(١) صحيح البخاري المغازي (٤٣٥١)، صحيح مسلم الزكاة (١٠٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥).
(٢) سنن الترمذي البر والصلة (١٩٢٤)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٤١).
(٣) سنن أبو داود الطب (٣٨٩٢).
(٤) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٥)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٢٩٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٢٨)، سنن الدارمي الرقاق (٢٧١٧).