وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويين في الاحتمال قولا بلا علم، فما ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟
مثال ذلك قوله تعالى لإبليس:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}(١). فإذا صرف الكلام عن ظاهره وقال: لم يرد باليدين اليدين الحقيقيتين، وإنما أراد كذا وكذا. قلنا له: ما دليلك على ما نفيت؟ وما دليلك على ما أثبت؟ فإن أتى بدليل - وأنى له ذلك - وإلا كان قائلا على الله بلا علم في نفيه وإثباته.
الوجه الرابع في إبطال مذهب أهل التعطيل: أن صرف نصوص الصفات عن ظاهرها مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، فيكون باطلا؛ لأن الحق بلا ريب فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسلف الأمة وأئمتها.
الوجه الخامس: أن يقال للمعطل:
هل أنت أعلم بالله عن نفسه؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل ما أخبر الله به عن نفسه صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
ثم يقال له: هل تعلم كلاما أفصح وأبين من كلام الله تعالى؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل تظن أن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يعمي الحق على الخلق في هذه النصوص؛ ليستخرجوه بعقولهم؟ فسيقول: لا.
هذا ما يقال له باعتبار ما جاء في القرآن.
أما باعتبار ما جاء في السنة فيقال له:
هل أنت أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل ما أخبر به رسول الله عن الله صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
ثم يقال له: هل تعلم أن أحدا من الناس أفصح كلاما وأبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا.