للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير معية الله لخلقه بالحلول والاختلاط باطلا بالكتاب والسنة والعقل والفطرة وإجماع السلف.

الثالث: أنه مستلزم للوازم باطلة لا تليق بالله سبحانه وتعالى.

ولا يمكن لمن عرف الله تعالى وقدره حق قدره، وعرف مدلول المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن أن يقول: إن حقيقة معية الله لخلقه تقتضي أن يكون مختلطا بهم، أو حالا في أمكنتهم فضلا عن أن تستلزم ذلك، ولا يقول ذلك إلا جاهل باللغة جاهل بعظمة الرب جل وعلا.

فإذا تبين بطلان هذا القول تعين أن يكون الحق هو القول الثاني وهو أن لله تعالى مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطا بهم علما وقدرة وسمعا وبصرا وتدبيرا وسلطانا وغير ذلك مما تقتضيه ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه.

وهذا هو ظاهر الآيتين بلا ريب؛ لأنهما حق ولا يكون ظاهر الحق إلا حقا، ولا يمكن أن يكون الباطل ظاهر القرآن أبدا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية (١): ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد فلما قال: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} (٢). إلى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٣) دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم شهيد عليكم ومهيمن عالم بكم. وهذا معنى قول السلف إنه معهم بعلمه وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته. وكذلك قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} (٤) إلى قوله: {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (٥) الآية.


(١) ص ١٠٣ـ ج ٥ من مجموع الفتاوى لابن قاسم.
(٢) سورة الحديد الآية ٤
(٣) سورة الحديد الآية ٤
(٤) سورة المجادلة الآية ٧
(٥) سورة المجادلة الآية ٧