للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهؤلاء هم السلف ومذهبهم هو الحق كما سبق تقريره.

القسم الثاني: يقولون: إن معية الله لخلقه مقتضاها أن يكون معهم في الأرض مع نفي علوه واستوائه على عرشه.

وهؤلاء هم الحلولية من قدماء الجهمية وغيرهم، ومذهبهم باطل منكر أجمع السلف على بطلانه وإنكاره كما سبق.

القسم الثالث: يقولون: إن معية الله لخلقه مقتضاها أن يكون معهم في الأرض مع ثبوت علوه فوق عرشه. ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية (١).

وقد زعم هؤلاء أنهم أخذوا بظاهر النصوص في المعية والعلو. وكذبوا في ذلك فضلوا فإن نصوص المعية لا تقتضي ما ادعوه من الحلول لأنه باطل ولا يمكن أن يكون ظاهر كلام الله ورسوله باطلا.

(تنبيه) اعلم أن تفسير السلف لمعية الله تعالى لخلقه بأنه معهم بعلمه لا يقتضي الاقتصار على العلم بل المعية تقتضي أيضا إحاطته بهم سمعا وبصرا، وقدرة وتدبيرا، وغير ذلك من معاني ربوبيته.

(تنبيه آخر) أشرت فيما سبق إلى أن علو الله تعالى ثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع، أما الكتاب فقد تنوعت دلالته على ذلك.

فتارة بلفظ العلو والفوقية والاستواء على العرش، وكونه في السماء كقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (٢) {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (٣)، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٤)، {مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} (٥).

وتارة بلفظ صعود الأشياء وعروجها ورفعها إليه كقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (٦)


(١) انظر ص ٢٢٩ج ٥ من مجموع الفتاوى.
(٢) سورة الشورى الآية ٤
(٣) سورة الأنعام الآية ١٨
(٤) سورة طه الآية ٥
(٥) سورة الملك الآية ١٦
(٦) سورة فاطر الآية ١٠