للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهم على اختلاف طبقاتهم، وكثرة عددهم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى شيء مما وصف به الرب سبحانه نفسه الكريمة في القرآن الكريم، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات.

نعم، ولا فرق أحد منهم بين كونها صفة ذات أو صفة فعل، وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود والإنعام والعز والعظمة، وساقوا الكلام سوقا واحدا من غير تعطيل ولم يتعرض - مع ذلك - أحد منهم إلى تأويل شيء من هذا ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت.

ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل به على وحدانية الله تعالى وعلى إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم سوى كتاب الله، ولا عرف أحد منهم شيئا من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة) (١).

هذا ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، وذلك لأنهم فهموا المراد من كلام الله عز وجل على ما يليق بجلاله وعظمته، ثم تابعهم على ذلك أعلام الأمة وأئمتها فلم يردوا شيئا من الصفات أو يؤولوها على غير معناها، لأنها لم توافق العقل لعلمهم بأن العقل ليس مؤهلا لمحاكمة الوحي الذي جاء من عند الله عز وجل.

ولم يحدث نزاع في آيات الصفات طوال القرن الأول، حتى بداية القرن الثاني حيث ظهر فيه رواد الضلال والفتنة فخرجوا على منهج الأمة وابتدعوا في دين الله بدعا كان لها أثرها فيما بعد.


(١) الخطط (٤: ١٨٠).