للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (١)، وصرف ألفاظه عن ظاهرها إلى معان أخرى يقتضي خلاف ذلك، واتهام الله عز وجل بالعجز عن البيان - سبحانه عما يقول الظالمون؛ ثم يزعمون أن البشر من الفلاسفة والمتكلمين أقدر منه عز وجل على البيان فيحمل كلامه سبحانه وتعالى على غير ظاهره، وهذا فوق أنه كفر صريح سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى.

(٣) إن المبلغ عن الله عز وجل وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، أفصح البشر وأحرصهم على ما ينفعهم فيستحيل مع هذا أن يبلغهم كلام ربهم ثلاثة وعشرين عاما وهو يريد معاني أخر من كلامه، ثم لا يبين لهم، والله عز وجل يقول: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٢).

(٤) إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا أفصح الأمة، وأحرصهم على معرفة دينهم، وقد كانوا يسمعون كلام الله عز وجل ثلاثة وعشرين عاما وهو مملوء بذكر صفات الله سبحانه وتعالى ولم يستشكلوا شيئا منها لعلمهم بأن معناها على ظاهرها، بما يليق في حق ربهم سبحانه وتعالى، ولو كان خلاف ذلك لنقل عنهم (٣).

ثانيا - الرد على المشبهة الذين أساءوا فهم آيات الصفات فلم يفرقوا بين صفات الخالق والمخلوق لاشتراك الصفتين في الاسم.

قال علماء السلف:

إن الله سبحانه وتعالى خالق الخلق، وموجد الكون وهو الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله، والخلق موجود من العدم ويلحقه النقص في ذاته وصفاته وأفعاله فكيف يسوى بين خالق كامل سبحانه ومخلوق ناقص. تعالى الله عن جهل الجاهلين وفهم المنحرفين.

يقول سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (٤) وهم يقولون بل هو مثل خلقه ويقول سبحانه وتعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٥) وهم


(١) سورة النحل الآية ٨٩
(٢) سورة النحل الآية ٤٤
(٣) راجع مختصر الصواعق المرسلة (أوائل الجزء الأول).
(٤) سورة الشورى الآية ١١
(٥) سورة الإخلاص الآية ٤