للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التصوف من صور الجاهلية

للشيخ / محمد أمان بن علي الجامي.

رئيس شعبة العقيدة بقسم الدراسات العليا

بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (سابقا)

الحمد لله رب العالمين، وصلاة الله وسلامه ورحمته وبركاته على رسوله الأمين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وبعد: فإن الجاهلية التي نريد أن نتحدث عن بعض صورها غير الجاهلية التي تتبادر إلى الأذهان إذا أطلقت.

لأن الجاهلية في الأصل اسم لفترة زمنية قبل الإسلام بما فيها من أعمال وثنية وتصرفات جاهلية من شرك وظلم، وفساد أخلاق، وغير ذلك.

وقد انتهت تلك الفترة ببزوغ فجر الإسلام وطلوع شمسه وانتشار نوره في العالم حتى أنار الطريق لكل سالك، فدخل الناس في دين الله أفواجا، فقامت للإسلام دولة قوية ذات منعة، وعاش المسلمون في عصر النبوة حياة لم يسبق لها مثيل - ولن يوجد لها مثيل قطعا - توحيد خالص لله وحده، وعدل، وإنصاف، وطاعة لله ولرسوله، وتحابب في الله وتآخ، واعتزاز بالإسلام، وعزة، وكرامة، وهيبة في قلوب الأعداء.

وقد سجل لهم القرآن هذا المعنى في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (١).

هكذا عاش المسلمون في ذلك العهد الفريد إلى أن انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى، إلا أنه لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن نزل إعلان من السماء بأن الدين قد كمل - فالكامل لا يقبل الزيادة عادة - وأن نعمة الله على أتباع محمد بالإسلام قد تمت، وذلك


(١) سورة المنافقون الآية ٨