وحياة المصلحين والقادة العظام، الذين نشروا هذا الدين بما تضمنه من عقيدة ومبادئ وقيم وأخلاق وآداب وعادات، وفي التجربة العملية الفريدة التي تمت في حياة المسلمين في الصدر الأول، وهي غنية تمام الغنى بمادة الإعداد، وروافد التكوين، ولكنها كنوز مهملة وثروة معطلة.
أما عن مكان الإعداد فإنه يتم في التفاعل مع البيئة الاجتماعية، التي ينشأ فيها الطفل ثم ينتقل فيها إلى المدرسة، والمعهد والجامعة، ثم يخرج بها إلى المجتمع بكل تشكيلاته ومؤسساته، والحياة المحيطة به.
وقد سبق أن قلنا في صدر هذا البحث: إن الطفل يولد على الفطرة السليمة، أو بتعبير التربويين الذين قرروا بالاستعدادات والعوامل الوراثية. ذلك يعني أنه يولد خيرا متفتحا للإيمان وكامل الاستعدادات، ولكنه مع ذلك على درجة كبيرة من المرونة والقابلية للتشكيل وفق ما يتلقى في البيئة الاجتماعية التي يولد فيها من توجيه؛ ولهذا فإن للبيئة التي يولد فيها الطفل ويتفاعل معها في مراحل نموه الأولى أثرا بالغا في تشكيل سلوكه، وتحديد اتجاهه والأخذ بيده.
فإذا كانت البيئة الاجتماعية بيئة إسلامية بعقيدتها وآدابها وسلوكها وعاداتها وتعاملها، وتفاعل معها الطفل في كل المواقف، تشرب في هذه البيئة العقيدة والسلوك والآداب والعادات والتعامل، حتى تتطبع نفسه بهذه البيئة، وما يحمله من مقومات الشخصية المسلمة، وتتشكل بذلك سلوك الأفراد، وتصنع القواعد الأساسية لهذا البناء، وتستمر في تغذية هذا الاتجاه في الفرد تلقائيا بواسطة التفاعل، حتى يتكون لدى الطفل الاستعداد الذي يمكنه من تلقي المعلومات والمعارف التي تفسر له حقائق التفاعل والمواقف. وهنا يأتي دور المدرسة كحلقة ثانية في تكوين الشخصية المسلمة القادرة على الاستجابة لدواعي الخير والمؤثرة في حياة الآخرين.
ثانيا: المدرسة - المدرسة وسيلة من وسائل الإعداد التربوي للفرد المسلم، في مرحلة من مراحل نموه، تتلو مرحلة الطفولة والنمو، في محيط البيئة الاجتماعية، وكل الأسرة وهي ليست إلا مقر تجمع للطلاب وموضع تلقي المعلومات المعرفية، والحقائق العلمية والخبرات المتعددة في حدود قدرات الطلاب ونموهم العقلي والجسمي، واستجابتهم في