للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الناشئة، وبالتالي ذهاب الريح والاندثار.

ولهذا يجب على الأمة أن تكون حارسة لعقيدة أبنائها، عاملة على تكتيل كل الجهود والوسائل، لإعداد أفرادها وعدم السماح لأي وسيلة بأن تنحرف عن المسار الصحيح، والمنهج القويم، في أي صورة من الصور سواء كان ذلك في جريدة أو إذاعة أو تليفزيون أو غيرها.

وهذا الإعداد والتكوين الذي أشرنا إلى حلقاته ومراحله، له خصائص ومقومات ينفرد بها عن مناهج التربية المعهودة على وجه الأرض المستمدة من غير شرع الله، وله وسائل متعددة منها النظري وفيها العملي، في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة الأنبياء والرسل، من قبله وفي حياة الرعيل الأول من هذه الأمة المجاهدة. آثرت أن أتركها في هذا المقام لفرصة أخرى، وأرجو أن تتاح لي فرصة أخرى لاستعراض هذه المقومات والخصائص وتفصيل هذه الوسائل واستخلاص العبرة من التطبيقات العملية عبر التاريخ. ولكي يعطي هذا الإعداد ثماره اليانعة وعطاءه المثمر فإنه يتطلب أن يتم في مناخ ملائم وتربة خصبة قابلة للإنبات، أو مجتمع يشم فيه الفرد عبير الحرية ويعطيه بعدا كافيا في نفسه وفي شخصيته في مجتمعه.

هذا وإن أمتنا المسلمة اليوم وقد جربت مناهج الأرض كلها وطبقت كل التجارب الأرضية والأفكار والنظم العلمانية. فنزلت بها إلى الدرك الأسفل، وبقيت مثخنة بجراحها، تئن من سوء واقعها حتى فقدت الأمل في كل ما كانت ترجو النجاة عن طريقه، وأصابها شعور مزيج من اليأس والأمل واليأس من أنهم ممن لا يستحقون نصر الله، والأمل في النصر من عند الله، إذ إنه سبحانه وحده هو المأمول لكشف البلاء، وإبدال الذل عزة والهزيمة نصرا. مصداقا لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} (١).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


(١) سورة يوسف الآية ١١٠